هذه الأيام الدنيا قائمة علي موضوع المرأة السعودية ، وبالأخص حقوق المرأة السعودية ، وعلي وجه الدقة موضوع قيادة المرأة للسيارة ، الذي ربما قد يكون ضرورة للكثيرات .
وطبعا مازالت العديد من وسائل الإعلام تصف المجتمع السعودي علي انه مجتمع يقتصر الإبداع فيه علي الرجل ، وقد تردد ذلك كثيراً فيما قرأته من انتقادات هنا وهناك لرواية بنات الرياض ، التي مضي علي إصدارها أيام بعيدة ومازالت محور حديث الكثيرين ، والعجب أن أي فتاة قد يصعب عليها استنكار ما هو مكتوب لأنه أمر واقعي في كل مجتمع محافظ أو منفتح ، مراهقة وشباب وحيوية وحب للمغامرة ، وشباب غير قادر في بعض الأحيان علي التعامل مع معطيات الحياة بشيء من الايجابية.
وفي الوقت الذي صدرت فيه رواية بنات الرياض كانت هناك العديد من السعوديات اللواتي حققن انجازات كبيرة ومنها عالمية ، كريم الطويرقي دكتورة الفيزياء التي اعتلت منصة التتويج في باريس بكامل حجابها الشرعي وبنقابها وألقت كلمتها مبينة مكانة المرأة في السعودية وإمكانيتها ، و لم تنل من التكريم الإعلامي العربي ما لقته سيدة أخري ضربت وعذبت في المملكة ، ليست ريم فقط فسامية ميمني التي عثر عليها مقتولة منذ سنوات طويلة ، لم يعد هناك من يذكرها رغم أنها قد أتت بانجاز علمي طبي أبت إلا أن تكون فائدته أولا لبلدها.
كثيرات هن نساء السعودية المتميزات ، ولكن يبدو كما ذكر علي لسان مني أبو سليمان أن الإعلام بات لا يبحث إلا علي جوانب الاهانة و الاستبداد الذي يمارسه بعض الأفراد علي النساء السعوديات ليشير بذلك إلي أن المرأة مهانة.
مني أبوسليمان انتقدتها بدرية البشر في مقال لها بالشرق الأوسط لا لشيء سوي لأنها عبرت عن رأيها في أنها لا تحتاج إلي سياقة السيارة في السعودية ، وأخذ البعض ذلك الموضوع علي محمل الجد فراحوا يبرهنوا به علي أنه مجتمع متناقض في داخله ، في حين أنها كلها كانت وجهات نظر ونقاش حر ، ولا اشك في أن الاثنتين تقبلتا نقدهما لبعض .
أنا كفتاة بحرينية لست بعيدة كثيراً عن السعودية والتقي مع هذه وتلك ، نساء عاديات وأخريات يشغلن مناصب و بعضهن في وظائف عادية من مديرة تحرير إلي مدرسة إلي أستاذة جامعية وهكذا ، وهذا يأتي بعد العلاقات الأسرية ، من علاقتي تلك استغرب التعميم الذي يصدر بناء علي حالات فردية بوصف المرأة السعودية علي أنها مستضعفة ومسلوبة الحقوق ، خاصة عندما يأتي ذلك علي لسان مختص أو شخص عرف عنه رجاحة العقل ، لينساق بكلامه ذلك وراء ما تدعيه بعض وسائل الإعلام ، لست محاولة الدفاع عن وضع المرأة في السعودية الذي قد يراه البعض ليس من حقي ولكن باستقراء سريع لما يجري في الوقت الحالي نري أن العالم بأسره يعيش تناقضات كبيرة ، ففي الوقت الذي أري فيه أن قد حصلت علي قدر جيد من الحقوق في البحرين قد تري أخري عكس ذلك في حين أن أخري تري أنها قد حصلت علي كل الحقوق، تماما كما هو الوضع عندما تحدثت الإعلامية السعودية سمر المقرن في رغبتها بحرق النقاب والعباءة كانت هناك نساء يفاخرن بذلك اللباس وكلهن من البلد ذاته وربما درسن مع بعض وعملن مع بعض ولكن الأمور تختلف بين فرد وآخر ، والحالات الشاذة كثيراً كحال النساء اللواتي يتلذذن بضرب أزواجهن لهن .
وضع المرأة في الدول العربية والخليجية والسعودية علي وجه الخصوص محور حديث العالم بعد أحداث العراق وإيران وفوز حماس ، وقبل حركة الأسهم ربما ، ولا أعتقد أن ذلك لكون المرأة نصف المجتمع فقط ، بل لأن مواضيع المرأة مواضيع شائكة وخصبة ويمكن الحديث فيها إلي ما لا نهاية زواج وطلاق نفقة وتربية وما إلي ذلك ، بل ويمكن اعتبار كل امرأة علي أنها قضية يمكن الخوض في الحديث عنها في أي مكان .
أزمتنا و أزمتهم ربما تكمن في التعميم وعدم القدرة علي تطبيق القوانين بمرونة.
في الختام لكم بعض الحديث ، صديقتي من الناشطات في الأنشطة الطلابية والشبابية عادت من المملكة العربية السعودية متعجبة لقدرة فتياتهم علي إدارة الأنشطة ، تقول خبرة في الديكور والمسرح والمحاسبة ، ويتعاملن مع المهندسين والعمال ووسائل الإعلام بصورة حرفية كبيرة ، إبداع منقطع النظير ، أنا كنت في لقاء علي هامش أحد الفعاليات الثقافية مع الدكتورة آمال نصير وهي أستاذ مساعد بقسم الدراسات الإسلامية بكلية البنات بجدة ، وترأس مركز حي مشروع الأمير فواز ، ومشرفة نادي المروج وهو نادي للفتيات ، ورئيسة اللجنة النسائية بالندوة العالمية للشباب الإسلامي، وتتحدث عن كل ذلك بصورة مبسطة وافية تبين لك علم ودراية واسعة بكل تلك المشاريع التي ترأسها ، وأخري كانت معها تخصص اقتصاد وإدارة أعمال تحدثت عن جوانب نسائية في العمل ومشاريع جعلت الجميع يستمع إليها في إنصات واستمتاع.
في البحرين كذلك الكثير من نساء وفتيات البحرين كما شبابه متميزون كثيراً ويشار لهم بالبنان في الخارج ، ولكن لم يحصل أي منهم علي البروز في البحرين.