[size="4"]
أنا لا أطالب ألا يساعد الرجل زوجته في المنزل و يترك العمل لها حتى تسمى ربة منزل .. الحياة شراكة وتعاون في كل شيء ، سواء في عمل المرأة فتكون هي القائدة ، أو عمل مناط بالزوج فيكون هو القائد ..
أيهما الأصل : أن تعمل المرأة في الخارج أو تعمل في المنزل وبشكل عام ؟ أم أن نطالب بإلغاء المنزل و توزيع الأطفال على المؤسسات و كلٌ يتناول وجبته السريعة من أي مكان؟
إن الأصل هو المنزل ، المنزل عمل ، وإذا احتاجت المرأة أن تعمل خارج المنزل ، فمن يمنعها ؟؟ حتى هذه الحقيقة البسيطة لم يعترف بها أي من الليبراليين و دعاة المساواة ومورّدي الثقافة .. على الأقل رحمة بالأطفال ، حتى لا يكونوا ضحية .. فهل يستطيع الأطفال إن يعبروا عن مثل هذا المعنى ؟
لا يستطيعون أن يعبروا عن معنى : نريد دفء المنزل ، نريد أهلنا حولنا وان يربونا هم وليس غيرهم .. من يسمع لصوت الأطفال في وسط معمعة الأفكار المادية الغربية ؟؟ كل ما يهم تلك الفئات هو أن يتفتت المنزل بأي شكل ..
إن أي ضرر يجري على المنزل فالضحية هم الأطفال ، و يـُحفر ذلك في نفوسهم دون أن يستطيعوا التعبير عنه . أين هذا الوضع المشتت من وضع الأطفال الذين يعيشون في ألفة و في كنف والديهم ؟
الطفولة مرحلة حساسة , والصغير محتاج جدا إلى الكبير الذي يثق به و ليس هناك أكثر من الوالدين يستحق ثقة الطفل . إن الصورة الغربية التي يطالبون بها ليست صورة مثالية حتى نتمناها لأطفالنا .. فالأطفال هناك يعودون آخر النهار ليأكلوا و يناموا و يذهبوا إلى المدرسة من الصباح , وبالتالي تكون المدرسة أكثر حضوراً في حياتهم من المنزل , و يعرفون مربياتهم ومدرّساتهم أكثر من أمهاتهم فضلا عن آبائهم .. والزوج يعمل والزوجة تعمل و يتناول أفراد العائلة أكثر الوجبات خارج المنزل وكلٌ على حدة , تلك الوجبات السريعة التي ينتقدها الأطباء صحيا , وهي إن كانت سريعة في التجهيز فهي بطيئة في التخزين ومليئة بالمواد الحافظة والكيماويات , وكأن المنزل أصبح فندقا للمبيت ..
لا شك أن هذا الوضع غير مثالي, فأين ستكون المثالية فيه ؟! أم لأن الغرب يفعلون كذلك أصبح مثاليا - وهذا يكفي عند أكثر المستسلمين فكريا - ؟ ..
هذه الصورة الغربية تشبه حالة اليتم للأطفال الذين يتربون في الملاجئ برعاية غير ذويهم والدولة مسؤولة عن رعايتهم , واليتم ليس مثاليا مهما كانت الرعاية . و العقلاء في الغرب يشتكون من مشاكل تفكك المنزل . ومهما كانت تلك الجهات التي نرمي أطفالنا عندها ، فلن يكونوا مثل والديهم ، بل أن بعضهم يقسو على الأطفال ، ولا يستطيع الطفل حتى التعبير .. كل هذا في حمّى المال وجمع المال ..
انظروا للمقاطع في اليوتيوب عن تولي الأجانب للأطفال ، إما على شكل خادمات أو مربيات أو مدارس .. اكبر صدمة للطفل هي أول دخوله للمدرسة ، كلنا نتذكر أول يوم .. حيث نرى الأطفال يبكون ، لماذا ؟ لأنهم فـُصلوا عن والديهم وعن جو المنزل و ألفته .. وكأنهم القوا فجأة في بحر لا ساحل له .. لو كان هذا الوضع هو الوضع الطبيعي و الأفضل لما بكوا.
وهنا لا يقل أحد بأني أطالب بإلغاء المدارس !! مثلما جعلني أحدهم مطالباً بإلغاء عمل المرأة .. !!
أنا امثـّل على بعض الآثار النفسية لدى الصغار كلما حـُرموا من جو الأسرة .. نستطيع أن نرى هذا المنظر المأساوي في كل عام مع بداية الدراسة في الصف الأول الابتدائي .
إن نشر الوعي بأهمية المنزل وإقامة الحوارات والندوات حول هذا الموضوع سوف تخلق وعيا تنعكس فوائده على المجتمع .
[/size]