في سوق من أسواق المدينة المزدحمة
كانت تمشي الأم ذات الأربعين عاما وتمسك بيدها ابنتها الصغيرة
وكانت الأم تلبس معطفا أسود وتضع شالا تلتفح به لونه أخضر
وتضع على عينيها نظارة ذهبية
وقد كانت الصغيرة تمشي وهي متعبة
عمر الصغيرة أربعة سنين جميلة من بين الأطفال
وقد كانت تلفت الأنظار لشدة جمال عينيها وشعرها
وطفولتها البريئة النقية
وبعد طول مدة التسوق تعبت الأم وأخذت تبحث عن مكان لترتاح قليلا
وفي ذلك الوقت انتبه لها شاب يقف على باب أحد المحلات وعرف بأنها متعبة
فقال لها تفضلي ياخالة واجلسي على هذا الكرسي فالتعب ظاهر عليك
واذا أردت شيئا فأنا أساعدك
وسرت المرأة بهذا العرض واقتربت من الكرسي وجلست
قالت للشاب جزاك ربي خيرا على أخلاقك
والتفت الشاب للصغيرة يلاطفها ويسألها هل أنت تعبة ياحلوه
فقالت البنت نعم تعبت من المشي فسألها مااسمك ياأميرة الحلوات
فردت اسمي نسمة وأمي ستشتري لي ثيابا جديدة وجميلة
أخذ قطعة من السكاكر وقال تفضلي يانسمة هذه لك
قالت له الأم
هل أجد عندك كأس ماء
فأسرع الشاب لداخل المحل
وبعد هنيهة أتى بكأس ماء بارد
فشربت واستراحت بعض الوقت وغادرت معها ابنتها شاكرة له صنيعه
استمرت المرأة في تسوقها وابنتها تسير معها
دخلت الى أحد المحلات لتسأل عن بعض الأشياء
وكان المحل مزدحما بالزبائن
وبينما كانت تتجادل مع البائع وقفت الصغيرة عند باب المحل تنتظر أمها
وكانت منصرفة بنظرها الى حركة الناس في السوق
وبعد فترة بسيطة خرجت من المحل امرأة وأمسكت بيد الصغيرة وسارت بها في السوق مسرعة
وهي تقول لأمها تمهلي فأنا متعبة
والأم لاترد جوابا ومازالت مسرعة
البنت الصغيرة لم تعلم بأن أمها بقيت في المحل وهذه المرأة ليست أمها
ولأن المرأة تلبس نفس لباس أمها فقد التبس على الصغيرة الأمر
تفقدت الأم ابنتها عند الباب فلم تجدها
طار صوابها وجن جنونها وبدأت تطلق استغاثات بين الناس ابنتي ابنتي أرجوكم
من رأى ابنتي عمرها أربع سنين وهي تلبس معطفا لونه أحمر
شعرها قصير وأشقر أرجوكم ساعدوني
حذاؤها أبيض ساعدوني ياأهل الخير
تبكي وتنادي بينما تمشي في السوق مع بعض الرجال الذين انتفضو مذعورين للخبر
وقد تبادروا للبحث عن الصغيرة البريئة
وهم يضعوا الأخبار عند بقية المحلات
الابنة الصغيرة كانت قد تعبت من المشي السريع
وبدأت تبكي وتبكي وهي لم تسمع صوتا من أمها الى أن وقعت على الأرض
واذا بها ترى وجه المرأة فعندئذ صاحت بصوت عال والبكاء ازداد أكثر مما أدى الى انتباه الناس
وارتبكت المرأة بحالها ولم تعرف كيف تسكت الصغيرة
وهي تقول لها اسكتي ياابنتي سأشتري لك الحلوى لاتبكي
هيا قفي لنمشي فقد تأخرنا هيا ياابنتي
وبينما تحاول الأم تدبير الأمر بحيلة شريرة
واذا بشاب يتقدم منها لينظر من هي التي تبكي واذا به ينادي للصغيرة
نسمة مالك يانسمة لماذا تبكي
انه الشاب الذي عرض على الأم الجلوس منذ فترة
وعندما عرف أن المرأة التي مع الصغيرة ليست الأم التي كانت معها من قبل
صرخ بها من أنت وأين أم البنت الصغيرة
حاولت المرأة أن تراوغ والبنت تصرخ خائفة مذعورة وتنادي أريد أمي أين أمي
وفي برهة صغيرة اجتمع الناس حولهم وقد وضح الأمر لهم ولم يعد للمرأة مجالا للهرب
قالت لهم اني وجدتها وأردت أن أوصلها لأقرب مركز شرطة ليبحثو ا عن أهلها
وكان بين الواقفين رجلا كبير السن قد رآها حينما كانت تمشي بسرعة
فقال لها أنت كاذبة ومخادعة
اني رأيتك وأنت تمشي بسرعة وتشدي الصغيرة من يدها وهي تبكي
ولو أنها ابنتك أو كما تقولي بأنك تبحثي عن مركز للشرطة فلا تكون مشيتك بهذه السرعة
قولي من أين أتيت بها هيا اعترفي
بدأت المرأة بالشتائم للرجل ومازالت تراوغ كي تجد مهربا أو مخرجا مما أوقعت به نفسها
أخذ الشاب البنت الصغيرة ومشى بها نحو محله وقال لاتتركوها أمسكو بها وأخبروا الشرطة
تلعثمت المرأة ولم تمانعه أبدا فقد حوصرت من الرجال
وحاولت الفرار من بينهم فلم تفلح فقد أمسكوا بها واقتادوها الى محل في السوق
ليخبروا الشرطة
مازالت الأم تبحث في السوق الكبير وتركض ومعها كثير من الرجال والشباب
جميهم يبحثوا عن الصغيرة الضائعة عن أمها
وبعد ساعة من الزمن مضت وكأنها سنة على الأم وقد أفلتت أعصابها خوفا على صغيرتها
هل أجدها أم لا ..؟ تسأل نفسها .. تبكي تارة وتحاول أن تصبر نفسها فتسرع أكثر
واذا بعامل صغير في أحد المطاعم كان يوصل طلبات الغداء للمحلات يقترب من الأم
ويقول لها ياخالة لاتبكي فقد رأيت جماعة من الرجال يمسكون بامرأة
ويقولون أنها سرقت طفلة صغيرة وقد أدخلوها الى محل للستائر ليحتجزوها
قالت الأم : وهل رأيت ابنتي دلني على المحل أرجوك يابني
فقال لها امشي معي وسار أمامها بسرعة وهي لم تشعر بنفسها حتى وصلت
وعندما نظرت الى المرأة التي كانت محتجزة صرخت وقالت أنت آه منك أنت ألم تنسي لن تتغيري الا بالموت
أين ابنتي أين ابنتي .,؟
فقالوا لها انها في المحل المقابل تعالي ياخالة ..أخذوها الى ابنتها
أسرعت الى المحل فوجدت الشاب ومعه نسمة وقد اشترى لها بعض الحلوى ليهدئها
احتضنت الأم ابنتها وهي تبكي بكاءا شديدا فقدم لها الشاب كرسيا وأجلسها
وأتى بكأس ماء ومازال يهدء من روعها لفترة حتى جاء رجال الشرطة
وعندما دخلوا للمحل فورا قالت الأم أمسكوا هذه الحقيرة أم شادي حاولت سرقة ابنتي
وهذه المرة الثانية أرجوكم أبعدوها عني
وباستغراب من الموجودين يسألها الشرطي هل تعرفينها ..؟
نعم هي التي حاولت سرقة ابنتي نسمة منذ ستة أشهر
ولم تفلح لأن الجيران رأوها فقالت لهم أنها وجدتها ضائعة وسترجعها الى بيتها فأخذوها منها وتركوها
وقد رأيتها ولم أتأكد من قصتها فهي بالتأكيد تراقب ابنتي منذ فترة واني رأيتها من حوالي أسبوع قرب بيتنا
فسألت الجيران عنها وعرفت أن اسمها أم شادي وتعيش بالحي المجاور لحينا
وأيضا قالوا لي بأنهم يرونها تقترب من بيتي عدة مرات
يدخل شرطي الى المحل ومعه المرأة السارقة ممسكا بها فيقول : هل تعرفين هذه المرأة .؟
قالت نعم هذه أم شادي الحرامية التي تسرق الأطفال
كيف تقولي هذا وهل سرقت قبل ذلك ؟
نعم لقد حاولت سرقة ابنتي منذ ستة أشهر وأوقفوها جيراني ليأخذوا منها ابنتي
وتركوها لحالها ولكن أرجوكم لاتتركوها أبدا
فهذه المرة تأكدت أنها تنوي سرقتة ابنتي بالذات
التفت الشرطي للمرأة وسألها هل هذا الكلام صحيح ؟
بدأت بالصراخ والكذب تقول لاوالله انها تكذب لاأعرفها لست أنا وأنا لاأسرق أحدا أبدا أتركوني أتركوني
قال الشرطي أرجو أن تذهبوا معنا الى قسم الشرطة لنكمل الاجراآت
سأل الشاب الشرطي : هل أستطيع الذهاب معكم
أجابه الشرطي طبعا يابني فالأمر يتطلب وجودك معنا
ذهبوا جميعهم الى القسم وفي الطريق تحاول المرأة السارقة الافلات بشتى الطرق
ولم تتوقف عن الصراخ لست أنا أتركوني لم أفعل شيئا أنا بريئة مما تقولون
وصلوا الى القسم وطلبوا من الأم أن تخبر زوجها ليأتي فورا
وتبين بعد التحقيق مع السارقة أنها تعيش مع أختها الأكبر منها سنا في بيت واحد وليس معهم أحد
ويشتغلون في بيوت الناس بالتنظيف والخياطة ليكتسبوا بعض المال
وأنهم يحاولون أن يأتو ا بمن يغير حياتهم حتى لو بالسرقة وقد رسموا على هذه الصغيرة منذ مدة
وكانت الأخت الكبيرة تنتظر في البيت بينما تذهب أم شادي للمحاولة وفي كل مرة تفشل وتعود خالية الوفاض
فتنهرها أختها وتغضب كثيرا وتقول لها لقد كبرنا ولم يعد لنا صحة كافية على التربية والاهتمام بالصغار
والتأخير ليس في صالحنا
ولم يتراجعا عن خطتهما الى أن وقعا في قبضة الشرطة وكان ماكان
أخذ الأب والأم ابنتهما بعد انهاء الاجراآت وذهبوا الى البيت وقد أصروا على أن يستضيفو الشاب الى بيتهم
وعندما دخلوا البيت هرعت الابنة الكبيرة الى أختها فأخذتها بين يديها وهي تبكي وتقبلها كثيرا
وقف الشاب جانبا بينما ينتهي موقف الترحاب بالصغيرة ولكن عقله توقف عن التفكير ولم ينتبه لأحد سوى هذه الفتاة الجميلة
الفاتنة التي أخذت منه العقل والرشد . ماهذا مالذي أراه
والله انها ضالتي لاأصدق مالذي أتى بي الى هنا انها ليست صدفة
بل ان الله ساقني لشاطئ الأمان وصلت لمبتغاي وطلبي انها هي التي في خاطري وكأني رأيتها من قبل
قال الأب تفضل تفضل عفوا لم نأخذ نفسا من الطريق أجلس لقد تفضلت علينا بخلقك الكريم أيها الشاب الكريم
أهلا بك ضيفا عزيزا
هيا أعدوا لنا الغداء والضيافة اللائقة فهذا الضيف عزيزا علينا وهذا يوم فرح يشاركنا فرحتنا
وقد أكرموا الضيف شكرا وعرفانا منهم
بعد أن خرج الشاب من باب بيتهم وهو لا يتمنى الخروج مما رآه من هذه العائلة الطيبة
وقد رأى عندهم ماأراده
ألا انها العروس التي يتمناها انها الأخت الكبيرة أخت نسمه
دخلت الفكرة الى عقله ومازال يفكر بها حتى مضت مدة أسبوع
لم يمضي هذا الأسبوع الا بصعوبة مع معالجة وتفكير انها هي ولاغيرها
تسمع الأم طرق الباب فتسرع لتفتح واذا بالشاب يقول هل عندكم ابنة ضائعة صغيرة أرجوكم دلوني عليها
تضحك الأم فرحة برؤية الشاب فترحب به أهلا بك تفضل يابني
قال لها معي والدتي وقد جئت دون سابق موعد فهل تستقبلونا ؟
قالت الأم أهلا بك وبوالدتك وكل من معك تفضلوا أدخلوا
وما ان جلست الأم حتى حضرت الأخت الكبيرة ومعها نسمة وقالت هاهي الضائعة التي تطلبها
وبسرعة قالت أمه بل أنت الضائعة ياحبيبتي ماشاء الله والله لقد وجد ابني الصغيرة الضائعة منه
فهيا الى قسم الشرطة للاجراآت !! ضحكت أم نسمة وضحك الجميع
ولم تتماسك أمه نفسها وفورا قالت ألا تقبلوا بنا كي نكون عائلة واحدة
أني أطلب ابنتك لهذا الشاب الكسول فهو منذ أن أتى لعندكم لم يهتم بمحله وعمله وعقله مشغولا عندكم فهل لكم أن تقبلوا بنا
قال الشاب لأمه مابالك متسرعة اصبري حتى نأخذ نفسنا عندهم وبعد قليل تتكلمي بالموضوع
فأجابت أم نسمة والله لانردكم خائبين وان لم تتكلمي انت فكنت أنا التي تتبادر للموضوع فأهلا بكم في بيتكم
تمت الخطبة وكان اللقاء خيرا مثمرا وتم الزواج وكان لضياع نسمة في السوق خوفا ورعبا أثمر عن لقاء جميل بين أسرتين
وتم سجن من كانت سببا لهذا وقد حكمت هي وأختها مدة في السجن و نالتا عقابهما
ليس كل مصيبة تكون نتائجها سوادا
والغيب لايعلمه الا الله سبحانه
وقد قيل أنه
رب ضارة نافعة
قصة من خيال تحوي بعض العبر
أرجو أن تنال اعجابكم
من طرف 
موضوع: ضياع ثمرته فرح 
