بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صدق الله فصدقه
((صَدَق الله فصَدَقه))! في الرجل الذي أسلم حديثاً وأبان أنّ اتّباعه للنبي (ليس للمغانم الدنيوية وإنما طالباً للشهادة الأخروية).
هذا حديث صحيح، رواه الإمام النسائي وانفرد به بين أصحاب الكتب الستة في كتاب الجنائز من سُنَنه 60:4 (1953) عن الصحابي شَدّاد بن الهادِ رضي الله عنه في قصة رجل من الأعراب من أروع قَصَص صِدْق الاتّباع، والتضحية والفداء.
فقد جاء هذا الأعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجِرُ معك! فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعضَ أصحابه. ولما كانت غزوةٌ غنم النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فقَسَم وقَسَم له، فأعطى أصحابَه ما قَسَم له وكان يَرْعى ظَهْرهم (أي هذه كانت مهمته العسكرية في الغزوة وهي حماية ظهور المقاتلين). فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قِسْم قَسَمه لك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذه وجاء إليه عليه الصلاة والسلام وقال له: ما على هذا اتّبعتك ولكنّي اتّبعتُك على أن أُرمى ها هنا - وأشار إلى حلقه - بسهم، فأموتَ، فأدخُلَ الجنة! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن تَصْدُقِ الله يَصْدُقْك)). فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتي به يُحمَل قد أصابه سهم حيث أشار! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أهوَ هو؟ قالوا: نعم، فقال: ((صدقَ الله فصدقَه)).
ورواه أيضاً الحاكم في ((المستدرك على الصحيحين)) 595:3 - 596.
وهذا الحديث في كل جزئية منه مدرسة تربوية راقية، ونموذج متميِّز في صدق الاتّباع للنبي صلى الله عليه وسلم وفي إخلاص النية وطلب الجنة والاستعداد للتضحية بالروح في سبيل الله عز وجل. ولذا أورده الإمام المجاهد الشهيد ابن النحاس الدِّمياطي في كتابه المُلهِب المُنهِض ((مَشارعُ الأشواق إلى مصارع العُشاق ومثير الغرام إلى دار السلام)) - برقم 1023 - المطبوع في مجلدين.
اللهم ارزقنا العمل لدينك وطلب الشهادة وإخلاص النية واجمعنا مع أحبابنا في الجنة. آمين.
دمتم برعاية الباري وحفظه