بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
من صور الغيبة وما يدخل فيها :
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الغيبة إنما تقع فيما يكرهه الإنسان ويؤذيه فقال: ((بما يكره)).
قال النووي في الأذكار مفصلاً ذلك: ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلْقه أو خُلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته باللفظ أو الإشارة أو الرمز.
ومن الصور التي تعد أيضاً في الغيبة قال النووي: ومنه قولهم عند ذكره : الله يعافينا ، الله يتوب علينا ، نسأل الله السلامة ونحو ذلك ، فكل ذلك من الغيبة
ومن صورها أيضا :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " [28 /236] :
" فمن الناس من يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون أو فيه بعض ما يقولون لكن يرى أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس واستثقله أهل المجلس ونفروا عنه فيرى موافقتهم من حسن المعاشرة وطيب المصاحبة وقد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم
ومنهم من يخرج الغيبة فى قوالب شتى تارة فى قالب ديانة وصلاح فيقول ليس لى عادة أن أذكر أحدا الا بخير ولا أحب الغيبة ولا الكذب وإنما أخبركم بأحواله ويقول والله إنه مسكين أو رجل جيد ولكن فيه كيت وكيت وربما يقول دعونا منه الله يغفر لنا وله وإنما قصده استنقاصه وهضما لجنابه ويخرجون الغيبة فى قوالب صلاح وديانة يخادعون الله بذلك كما يخادعون مخلوقا وقد رأينا منهم ألوانا كثيرة من هذا وأشباهه .
ومنهم من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه فيقول لو دعوت البارحة في صلاتي لفلان لما بلغنى عنه كيت وكيت ليرفع نفسه ويضعه عند من يعتقده او يقول فلان بليد الذهن قليل الفهم وقصده مدح نفسه واثبات معرفته وانه أفضل منه .
ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة فيجمع بين أمرين قبيحين الغيبة والحسد واذا اثنى على شخص ازال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه فى قالب دين وصلاح أو فى قالب حسد وفجور وقدح ليسقط ذلك عنه .
ومنهم من يخرج الغيبة فى قالب تمسخر ولعب ليضحك غيره باستهزائه ومحاكاته واستصغار المستهزأ به .
ومنهم من يخرج الغيبة فى قالب التعجب فيقول تعجبت من فلان كيف لا يفعل كيت وكيت ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت وكيف فعل كيت وكيت فيخرج اسمه فى معرض تعجبه .
ومنهم من يخرج الاغتمام فيقول مسكين فلان غمنى ما جرى له وما تم له فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف وقلبه منطو على التشفى به ولو قدر لزاد على ما به وربما يذكره عند اعدائه ليشتفوا به وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه .
ومنهم من يظهر الغيبة فى قالب غضب وإنكار منكر فيظهر فى هذا الباب أشياء من زخارف القول وقصده غير ما أظهر والله المستعان "
الفرق بين الغيبة والبهتان والإفك:
بّين النبي صلى الله عليه وسلم الفرق بين الغيبة والبهتان, ففي الحديث "قيل: أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته, وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)) , وفي حديث عبد الله بن عمرو أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فقالوا: لا يأكل حتى يُطعم, ولا يَرحل حتى يُرحل, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اغتبتموه)) فقالوا: يا رسول الله: إنما حدثنا بما فيه قال: ((حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه)) .
والبهتان إنما يكون في الباطل كما قال الله : {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً} [الأحزاب:58].
والبهت قد يكون غيبة، وقد يكون حضوراً ، قال النووي : "وأصل البهت أن يقال له الباطل في وجه" .
قال الحسن: الغيبة ثلاثة أوجه كلها في كتاب الله : الغيبة والإفك والبهتان.
فأما الغيبة فهو أن تقول في أخيك ما هو فيه ، وأما الإفك فأن تقول فيه ما بلغك عنه ، وأما البهتان فأن تقول فيه ما ليس فيه.
والله تعالى أعلى وأعلم
================
من مجموع الفتاوى ابن تيمية رحمه الله تعالى + مقال ل د. منقذ بن محمود السقار
يتبع ان شاء الله تعالى