الْجَمَالُ
صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ، من اسمه (الجميل) ، الثابت في السنة الصحيحة.
الدليل :
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا : ((000إنَّ الله جميل يحب الجمال000.)).
رواه مسلم (91).
قال الحـافظ قَوَّام السنة أبو القاسم الأصبهاني في ((الحجة في بيان المحجة)) (2/456) :
((قال بعض أهل النظر 000 وقال : لا يجوز أنَّ يوصف الله بـ (الجميل) ولا وجهَ لإنكار هذا الاسم أيضاً
؛ لأنه إذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فلا معنى للمعارضة ، وقد صح أنه قال صلى الله عليه وسلم :
((إنَّ الله جميل يحب الجمال)) ؛ فالوجه إنما هو التسليم والإيمان)). اهـ.
وقال ابن القيم في ((النونية)) (2/64) :
وجمَالُ سَائِرِ هذهِ الأكْوَانِ
أَوْلْى وَأجْدرُ عِنْدَ ذِي العِرْفَانِ
ِـأفعَالِ وَالأسْمَاءِ بالبُرهَانِ
سُبْحَانَهُ عَنْ إفْكِ ذِي بُهْتَانِ))
((وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيْفَ لا
مِنْ بَعْض آثَارِ الجَمِيلِ فَرَبُّهَا
فَجَمَالُهُ بِالذَّاتِ والأوصَافِ وَالـ
لا شَيءَ يُشْبِهُ ذَاتَهُ وصِفَاتِهِ
وقال الهرَّاس في ((الشرح)) :
((وأما الجميل ؛ فهو اسم له سبحانه من الجمال ، وهو الحسن الكثير ، والثابت له سبحانه من هذا الوصف هو
الجمال المطلق ، الذي هو الجمال على الحقيقة؛ فإنَّ جمال هذه الموجودات على كثرة ألوانه وتعدد فنونه هو
من بعض آثار جماله ، فيكون هو سبحانه أولى بذلك الوصف من كل جميل ؛ فإنَّ واهب الجمال للموجودات
لابدَّ أنَّ يكون بالغاً من هذا الوصف أعلى الغايات ، وهو سبحانه الجميل بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
أما جمال الذات ؛ فهو ما لا يمكن لمخلوق أنَّ يعبر عن شيء منه أو يبلغ بعض كنهه ، وحسبك أنَّ أهل
الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم وأفانين اللذات والسرور التي لا يقدر قدرها ، إذا رأوا ربهم ، وتمتعوا
بجماله ؛ نسوا كل ما هم فيه ، واضمحل عندهم هذا النعيم ، وودوا لو تدوم لهم هذه الحال، ولم يكن شيء أحب
إليهم من الاستغراق في شهود هذا الجمال ، واكتسبوا من جماله ونوره سبحانه جمالاً إلى جمالهم ، وبقوا في
شوق دائم إلى رؤيته ، حتى إنهم يفرحون بيوم المزيد فرحاً تكاد تطير له القلوب.
وأما جمال الأسماء ؛ فإنها كلها حسنى ، بل هي أحسن الأسماء وأجملها على الإطلاق ؛ فكلها دالة على
كمال الحمد والمجد والجمال والجلال ، ليس فيها أبداً ما ليس بحسن ولا جميل.
وأما جمال الصفات ؛ فإنَّ صفاته كلها صفات كمال ومجد ، ونعوت ثناء وحمد ، بل هي أوسع الصفات
وأعمها ، وأكملها آثاراً وتعلقات ، لا سيما صفات الرحمة والبر والكرم والجود والإحسان والإنعام.
وأما جمال الأفعال ؛ فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويشكر ، وبين أفعال العدل التي
يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد ؛ فليس في أفعاله عبث ولا سفه ولا جور ولا ظلم ، بل كلها خير ورحمة
ورشد وهدى وعدل وحكمة ، قال تعالى : (إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(، ولأنَّ كمال الأفعال تابع لكمال
الذات والصفات ؛ فإنَّ الأفعال أثر الصفات، وصفاته كما قلنا أكمل الصفات ؛ فلا غرو أنَّ تكون أفعاله أكمل
الأفعال)).
منقول من الدرر السنية